في 2025/07/09
( أحمد شوقي \ راصد الخليج)
منذ فترة ليست بالقصيرة، وتنتشر اخبار اقتراب تدشين دول الخليج لمشروع التأشيرة السياحية الموحدة، ويبدو ان هناك عوائق تبرز كل فترةمما يؤجل اعلان بداية سريان هذه التأشيرة، إلا أن هناك تمسك واضح من مجلس التعاون بهذا امشروع لما له من مميزات كبيرة على قطاع السياحة في كامل دول الخليج.
وهذه التأشيرة الخليجية الموحدة تمنح فرصة التنقل للسياح الراغبين باستكشاف الدول الـ 6 بحرية أوسع عبر تأشيرة واحدة تلغي الحاجة لتقديم طلبات متعددة، كما يُتوقع أن تبلغ مدة صلاحية التأشيرة السياحية بين شهر وثلاثة أشهر.
وهي مبادرة شبيهة بالشينغين الاوربي وأطلقت فكرتها بجهد مشترك من دول المجلس لتعزيز السياحة في المنطقة، ومؤخرا، كشف الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، عن إطلاق التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة في الفترة القريبة المقبلة، مؤكداً أن إدارات الجوازات بوزارات الداخلية في دول المجلس تبذل جهوداً لبدء هذا المشروع، عبر اجتماعاتهم الفنية المشتركة والمستمرة.
ويؤكد المؤيدون أن هذه الخطوة ستُعزز من جاذبية المنطقة للسياح الدوليين، وستُسهم في تعميق التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء.
إولكن برزت مخاوف عديدة تتعلق بتبادل البيانات والسيطرة على الهجرة والإجراءات الأمنية، وهو ما يبطئ من وتيرة تقدم المشروع، رغم الدعم العلني من الجهات السياحية.
وربما أكثر من عبر بصراحة عن هذه المخاوف، هو وزير التراث والسياحة العُماني، والذي قال أن تنفيذ مشروع التأشيرة الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي يواجه تأخيرات كبيرة بسبب مخاوف أمنية واختلافات في وجهات النظر الوطنية بين الدول الأعضاء.
وهنا نحاول توضيح جانبا من هذه المخاوف، كما نبرز جانبا مسكوتا عنه يتعلق بالتطبيع والذي تقوم به بعض دول الخليج فقط بشكل رسمي، وهي الامارات والبحرين، وهل يمكن ان تستخدم التأشيرة الموحدة في تسلل الاسرائيليين او تشكل خدمة بأشكال غير مباشرة للتطبيع وللمصالح الاسرائيلية في الخليج رغم عدم تطبيع بقية دول المجلس؟
تنحصر المخاوف الرئيسية في عدة امور يمكن رصدها على مستويين، أولهما أمني، والثاني سياسي.
أولا: المستوى الأمني
- تبادل البيانات: حيث توجد مخاوف بشأن كيفية تبادل البيانات الشخصية والأمنية بين الدول الأعضاء، وكيفية حماية هذه البيانات من الوصول غير المصرح به أو إساءة الاستخدام.
- السيطرة على الهجرة: حيث تتولد مخاوف بشأن قدرة كل دولة على التحكم في تدفق الهجرة والحفاظ على أمن حدودها.
- تنسيق الإجراءات الأمنية: حيث توجد تحديات في تنسيق الإجراءات الأمنية بين الدول الأعضاء، وكذلك توحيد معايير الامن القومي، وخاصة فيما يتعلق بالتحقق من الهويات ومراقبة الأنشطة المشبوهة.
- تسلل الارهاب: حيث توجد مخاوف من استغلال التأشيرة الموحدة من جانب أشخاص لديهم نوايا غير مشروعة، مثل الإرهاب أو الجريمة المنظمة.
وبالتالي فإن هناك ارتباك أمني ناتج عن معايير كل دولة، فقد تطلب بعض الدول فحصًا أمنيًا أكثر صرامة لبعض الجنسيات، وقد لا تتوافق هذه المتطلبات مع الدول الأخرى، وكذلك قد تكون هناك مخاوف بشأن كيفية التعامل مع الأشخاص الذين يتم رفض دخولهم إلى إحدى الدول الأعضاء، وما إذا كان سيتم ترحيلهم أو السماح لهم بالدخول إلى دول أخرى.
ثانيا: المستوى السياسي
وهنا يتعلق هذا المستوى بشكل مباشر بالتطبيع، فقد تسمح التأشيرة الموحدة بشكل غير مباشر بدخول الإسرائيليين إلى دول خليجية لا تقيم علاقات علنية مع "إسرائيل"، عبر بلد وسيط ، مثل دخول اسرائيليين إلى الكويت أو السعودية انطلاقًا من الإمارات او البحرين، وهو ما يتطلب معايير منضبطة وصريحة في قانون التأشيرة الموحدة..
وهذا يطرح مخاوف سيادية وشعبية في بعض الدول التي ما زالت ترفض التطبيع شعبيًا أو رسميًا.
وهناك بعد أمني بالغ الخطورة، وهو أن التأشيرة الموحدة تتطلب تعاونًا أمنيًا أوسع، وفي حال كان هناك تعاون أمني مع "إسرائيل" في إحدى الدول وهو موجود ومعلن بين الامارات مثلا و"اسرائيل"، فإن البيانات الأمنية قد تُشارك بين دول الخليج، وبالتالي تصل لاسرائيل وهو امر خطير على الخصوصية الوطنية، وأمن المعارضين السياسيين، وهو توسيع للنفوذ الاستخباراتي الاسرائيلي.
والخلاصة هنا، هو ان التأشيرة الموحدة تعد مبادرة رائعة على المستويات السياحية والثقافية، ولكنها تحمل جوانب خطيرة ينبغي مراعاتها، ويبدو ان سبب تأخير صدورها هو لهذا السبب وهو امر حميد ينبغي تشجيعه، ولكن يجب الا يقتصر التأخير والتعمق في الدراسة والاحتراز على الجوانب الأمنية فقط، بل يجب ان تأخذ الجوانب السياسية وخاصة ما يتعلق بالتطبيع حقها من الدراسة والصياغة القانونية المنضبطة حتى لا تتحول المبادرة الى نوع من انواع التكامل التطبيعي!