سليم محمد - الخليج أونلاين-
تحتضن الصين، الأسبوع المقبل، منتدى التعاون الصيني الخليجي الأول للصناعة والاستثمار، بحضور ومشاركة وزراء المالية والتجارة والاقتصاد بدول مجلس التعاون.
وتتمتع الصين بعلاقات وثيقة مع دول الخليج؛ بعد أن تمت ترقيتها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، والتعاون الوثيق في جميع المجالات.
الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي، أكد خلال اجتماعه مع نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين تشاو تشينشين، في 13 مايو الجاري، تطلعهما لأن يخرج هذا المنتدى بالأهداف والنتائج المرجوة منه.
يأمل الجانبان أن يسهم المنتدى في تعزيز العلاقات الاقتصادية الخليجية - الصينية، ومن ضمنها الاستثمارات المتبادلة بين الصين ودول "التعاون الخليجي"، وصولاً إلى توقيع اتفاقية تجارة حرة.
أول قمة خليجية - صينية
احتضنت مدينة جدة السعودية، في ديسمبر 2022، أول قمة خليجية - صينية على مستوى القادة، حيث جرى خلالها الاتفاق على المسارعة في المضي نحو الشراكة الاستراتيجية والتنسيق المتكامل في مختلف المجالات.
مثلت القمة علامة فارقة في مسار العلاقات، خاصة في توقيتها ومستوى المشاركة الرفيع الذي يعكس اهتماماً خليجياً مشتركاً بتوطيد العلاقات مع الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
حينها أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أن القمة "تؤسس لمرحلة تاريخية جديدة في التعاون الخليجي الصيني"، وقال: إن دول الخليج "تولي أهمية قصوى للرفع من مستوى الشراكة الاستراتيجية مع بكين".
اتفاقية التجارة الحرة
عقدت سلسلة مفاوضات حول اتفاقية تجارة حرة بين الجانبين، في وقت ارتفعت فيه تجارة دول الخليج مع الصين بنسبة 36%، مسجلة مستوى قياسياً خلال العام 2022 بنحو 315.8 مليار دولار، ما يضع بكين كأكبر شريك تجاري للدول الست.
وحول اتفاقية التجارة الحرة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً، يقول الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي: إنها "ستسهم بشكل كبير في زيادة المنافع المكتسبة والتبادل التجاري بين الجانبين، كما سيستفيد منها العديد من الدول والشعوب، وستكون محفزاً حقيقياً لعديد من العناصر الاقتصادية الإقليمية والدولية"، بحسب بيان نشره المجلس بتاريخ 22 أكتوبر 2023.
وانطلقت مفاوضات التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج لأول مرة في العام 2004، لكنها جمدت منذ ديسمبر 2016، بعد 9 جولات، دون التوصل إلى اتفاق نهائي.
وفي سياق متصل، كشفت وكالة "رويترز"، الثلاثاء (14 مايو الحالي)، عن مصادر مطلعة، تعثر مفاوضات تتعلق باتفاق التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج نتيجة مخاوف سعودية من تأثير محتمل للواردات الصينية الرخيصة على طموحات المملكة في التحول إلى قوة صناعية.
ونقلت الوكالة عن 5 مصادر مطلعة على المفاوضات أن الجانبين وصلا إلى طريق مسدود فيما يتعلق بتحفظات سعودية على قائمة من السلع طرحتها بكين لإعفائها من رسوم الاستيراد الخليجية.
التبادل التجاري
تعد الصين ثاني أكبر مستهلك للطاقة في العالم، وقد أسهمت سلطنة عُمان والسعودية والإمارات والكويت بما يعادل 32.5% من إجمالي وارداتها من النفط الخام، كما أرسلت قطر نحو 20% من إجمالي الواردات الصينية من الغاز الطبيعي المسال.
أما دول الخليج فإنها تستورد من الصين البضائع والمنتجات، لا سيما الآلات والإلكترونيات والملابس.
وسجل الفائض التجاري 3.59 مليارات دولار لصالح دول الخليج، في شهر فبراير الماضي، مقابل فائض بقيمة 6.72 مليارات دولار في الفترة المماثلة من عام 2023.
اتفاقيات سعودية صينية
شهدت القمة السعودية الصينية المنعقدة بالرياض، في ديسمبر 2022، توقيع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والرئيس الصيني شي جين بينغ، اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
كما استضافت بكين مؤتمر الاستثمار الصيني السعودي، في ديسمبر 2023، الذي شهد توقيع أكثر من 60 مذكرة تفاهم واتفاقية استثمارية تتجاوز قيمتها الإجمالية 26.5 مليار دولار، في قطاعات حيوية.
وتُعد الصين أكبر شريك تجاري للسعودية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 520 مليار دولار، بين عامي 2017 و2023.
طموح إماراتي صيني
الشراكة الإماراتية الصينية تُعد "أيقونة للتعاون الدولي" القائم على أسس الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة، وفق مسؤولين وخبراء، معتبرين هذه الشراكة لا تقتصر فقط على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية.
وتطمح الإمارات إلى رفع قيمة التجارة المشتركة مع الصين إلى نحو 200 مليار دولار بحلول عام 2030، بحسب ما نقل موقع بوابة "العين الإخبارية" الإماراتي، في فبراير 2023، عن علي عبيد علي الظاهري، سفير الإمارات لدى بكين.
تقارب مع الكويت
تبذل الصين والكويت مساعي لتعميق العلاقات القائمة بينهما على مختلف الأصعدة، لا سيما السياسية والتجارية.
وكانت الكويت أول دولة خليجية تعترف بجمهورية الصين، وحافظت على علاقة اقتصادية متينة معها منذ ذلك الحين.
وبحسب تقرير لموقع "ذا تشاينا بروجكتس"، في أكتوبر 2023، بلغ فائض الكويت من التبادل التجاري مع الصين 21.5 مليار دولار.
قطر والصين.. علاقة وثيقة
تتمتع الصين وقطر بعلاقات اقتصادية واستراتيجية وثيقة، تتركّز في الغالب على التبادل التجاري والتعاون في مجموعة واسعة من المجالات.
وتتركز جهود الصين الحالية في توسيع تجارتها مع قطر على قطاع الغاز الطبيعي، الذي يشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية بكين الاقتصادية والطاقوية، حيث تهدف الجهود المشتركة إلى تحقيق مصالح البلدين وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما.
وشهد عام 2023 تعزيزاً كبيراً في التعاون بين الصين وقطر في مجال تجارة النفط والغاز، حيث شكلت العلاقات الثنائية بين البلدين أساساً لتبادل الخبرات والتعاون المشترك في هذا القطاع الحيوي.
وكشفت الصين، في سبتمبر الماضي، عن ارتفاع حجم التجارة مع قطر إلى 26.55 مليار دولار، بزيادة قدرها 54.7% على أساس سنوي.
وقال القائم بالأعمال في السفارة الصينية تشن يوي، إن البلدين على مدى السنوات الـ 35 الماضية عملا على رفع تبادل التجارة بين البلدين وتحسين العلاقات، "وقد حقق التعاون المتبادل المنفعة بين البلدين نتائج مثمرة".
عُمان
بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وسلطنة عُمان ما يقرب من 40.45 مليار دولار في العام 2022، بحسب ما نشرته جريدة "الرؤية" العُمانية في ديسمبر 2023.
وتصدر سلطنة عُمان معظم إنتاجها من النفط الخام إلى الصين منذ سنوات، وتعد رابع أكبر شريك تجاري لبكين في العالم العربي.
وحقق التعاون الاقتصادي والتجاري فوائد كبيرة للبلدين، ولكن بالرغم من كل ذلك، فإن الاستثمارات الصينية في السلطنة لا تزال ضعيفة ودون مستوى الطموح، وفق الصحيفة.
البحرين
تعتبر الصين أيضاً من بين أكبر خمسة شركاء تجاريين للبحرين، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية غير النفطية بين البلدين نحو 2.4 مليار دولار في عام 2022، وإلى جانب المساهمة بشكل كبير في استكمال المشاريع الإنشائية والبنية التحتية واسعة النطاق، بحسب تقرير لـ"Bahrain Economic Development Board"، في أكتوبر 2023.
وبحسب التقرير، يستفيد العديد من الشركات الصينية من بيئة الأعمال المواتية في البحرين، التي توفر ميزة استراتيجية متمثلة في إمكانية الوصول السريع إلى السوق الخليجية، حيث قامت شركة "هواوي"، التي أنشأت مقرها الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في المملكة عام 2009، بدور أساسي في تبني الدولة الخليجية المبكر لشبكة الجيل الخامس، وفي تعزيز الأجندة الرقمية الوطنية والخدمات من خلال الحوسبة السحابية.
ويشار إلى أن صادرات دول التعاون الخليجي إلى الصين انكمشت بنسبة 17%، خلال العام الماضي، إلى 173.19 مليار دولار، مقارنة بـ 209.01 مليارات دولار خلال عام 2022.
وتطرح هذه الأرقام تساؤلات حول إمكانية أن يدفع منتدى التعاون الصيني الخليجي الأول للصناعة والاستثمار، المزمع عقده في بكين، الأسبوع المقبل، التبادل التجاري بين الجانبين إلى مستوى أكبر.