في 2025/09/26
كامل جميل - الخليج أونلاين
يشهد العراق والسعودية خطوة اقتصادية وحيوية جديدة، مع بدء مدينة النجف إطلاق مشروع إنشاء منفذ حدودي مع المملكة، في خطوة تؤكد فتح آفاق جديدة في مجال التعاون والتبادل التجاري والسياحي.
والجمعة (19 سبتمبر 2025) كشف محافظ النجف، يوسف مكي كناوي، عن بدء أولى خطوات تأسيس منفذ العويقلة الحدودي مع السعودية، مبيناً أن المنفذ سيحدث طفرة نوعية للاقتصاد المحلي، من خلال تنشيط التجارة وخلق فرص عمل جديدة، ما يعكس أهمية المشروع على المستوى الوطني.
ويقع المنفذ في بادية النجف ضمن قضاء المشخاب، ما يجعله موقعاً استراتيجياً يربط العراق مباشرة بالحدود السعودية ويتيح الوصول بسهولة إلى دول الخليج العربي.
ويُعد مشروع العويقلة أحد أبرز المشاريع الحيوية التي كان الحديث عنها متواصلاً في السنوات الأخيرة بالعراق، لما له من أبعاد اقتصادية واجتماعية مهمة.
مزايا حدودية
- يبلغ طول الحدود بين العراق والسعودية 814 كيلومتراً.
- تضم الحدود بين البلدين 265 دعامة حدودية.
- يوجد معبران رئيسيان: عرعر وجميمة.
معبر عرعر من جانب العراق في محافظة الأنبار، يقابله منفذ جديدة عرعر بالجانب السعودي، يعد محوراً تجارياً وحيوياً للمسافرين.
منفذ الجميمة في محافظة المثنى يقابله من الجانب السعودي منفذ محافظة رفحاء، كان طريق حج رئيسياً لعبور قوافل الحجاج قديماً.
تنشيط السياحة
تشهد العلاقات العراقية-السعودية تحسناً متصاعداً، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، بعد الجهود التي بدأها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي واستكملها خلفه محمد شياع السوداني.
وتتضمن مجالات التعاون التجاري والتعليمي والثقافي والأمني، إضافة إلى دعم الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب.
ويعول مختصون على افتتاح منفذ العويقلة في تعزيز التبادل التجاري بين البلدين وزيادة حجم الاستثمار السعودي في العراق.
ومن المتوقع أيضاً أن يسهم المنفذ في تنشيط السياحة الدينية والتجارية، ويضع النجف على خريطة الممرات الحدودية الحيوية، في وقت تتسارع العلاقات الثنائية لتحقيق مزيد من التكامل الاقتصادي والسياسي.
وفي تصريح سابق خلال العام الحالي 2025، قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن العراق يستقبل نحو 10 ملايين سائح سنوياً عبر السياحة الدينية التي تسهم بنحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي مع أمل لرفعها إلى 10%.
وتعد النجف من أهم مناطق العراق التي تستقبل زائرين أجانب، لكونها مدينة تاريخية، ومركزها مدينة الكوفة كانت مقراً للخلافة الإسلامية (36 - 40 هـ). وتضم مرقد الإمام علي بن أبي طالب، ما جعل هذه المحافظة جاذبة للزائرين من مختلف الدول.
يقول مراسل "الخليج أونلاين" في العراق إن وجود منفذ يربط ربطاً مباشراً بين مدينة النجف والسعودية، يتيح أيضاً دخول السعوديين المباشر من المملكة إلى مدينتي النجف وكربلاء المتجاورتين.
وينقل عن متخصصين سياحيين في النجف تأكيدهم أن السائحين السعوديين ارتفعت أعدادهم في السنوات الخمس الأخيرة، مع "الارتفاع الكبير في مستوى الأمن داخل البلاد".
ولفت إلى أن النجف طورت كثيراً في بنيتها التحتية، لا سيما في جانب الفنادق التي بلغت أكثر من 250 فندقاً، فضلاً عن المنتجعات والأسواق بشقيها التراثي والحديث، ما زاد في إقبال السائحين من السعودية وبقية دول الخليج.
تعزيز العلاقات
وجود منفذ جديد بين السعودية والعراق يؤيد ما ذهبت إليه سفيرة بغداد في الرياض، صفية السهيل، في حديث سابق لـ"الخليج أونلاين"، عن أن البلدين اتخذا خطوات متعددة لتعزيز وتعميق العلاقات، خاصة في السنوات الأخيرة.
علاقات البلدين في سنوات سابقة لا يمكن وصفها بالجيدة؛ وذلك على خلفية تهديدات لجماعات مسلحة عراقية للمملكة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، رغم أنها أخذت تسير على طريق العودة عقب سنوات من القطيعة على خلفية غزو الكويت في 1991.
لكن هذه العلاقات تحسنت كثيراً، وبناءً على ما ذكرت السهيل يمكن تأكيد أن البلدين يعيشان مرحلة انتعاش كبيرة في العلاقات.
تقول السهيل: إن "العراق والسعودية يعملان معاً على تنسيق أمني رفيع، وفي التعاون السياسي عملنا على تنسيق المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية، وتعزيز الحوار السياسي، واستضافة بغداد لاجتماعات سياسية مهمة".
وفي حديث للسفيرة السهيل، لصحيفة "الشرق الأوسط" في مارس الماضي، لفتت إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 1.3 مليار دولار في العام 2024، "وهو ما يعكس زيادة كبيرة مقارنةً بالأعوام السابقة".
وقالت السهيل إن العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين البلدين تشهد تطوراً ملحوظاً ومستمراً. وأضافت أن عدد شركات المملكة المسجلة في العراق بلغت 34 شركة، بينما توجد 46 شركة عراقية مسجلة في الدولة الخليجية.
وتشير التقارير الرسمية إلى أن أبرز السلع التي تصدرها السعودية للعراق تتمثل في: الألومنيوم ومصنوعاته، والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزائها، ومحضرات أساسها الحبوب أو الدقيق، والألبان والبيض والمنتجات الحيوانية للأكل، والمنتجات المعدنية.
في حين تتمثل صادرات العراق للمملكة في: الألمنيوم ومصنوعاته، وصمغ وعصارات نباتية، والسكر ومصنوعاته السكرية، والنحاس ومصنوعاته، حسب الدراسة نفسها.
الخبير الاقتصادي نبيل جبار التميمي، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، لا ينفي أن يكون للمنفذ الجديد أهمية في المستقبل مع ازدياد التعاون أكثر بين الرياض وبغداد.
ويقول إن منفذ عرعر الذي تم تطويره مؤخراً، يعد في الوقت الحالي كافياً إلى حد ما لاستقبال المسافرين أو تبادل البضائع.
على الرغم من ذلك يشير التميمي إلى أن إنشاء منفذ جديد سيعمل على "تنشيط الحركة التجارية لمحافظة النجف وزيادة إيراداتها الخاصة لكون القانون العراقي يعطي نصف الإيرادات المستحصلة من الرسوم الجمركية للمحافظة العائد إليها المنفذ".