في 2025/10/29
متابعات
في مقر النادي العلمي القطري بالدوحة، وعندما تدخل موقع انعقاد مسابقة المهارات الخليجية، يبهرك مشهد الطلبة والمبتكرين وهم يخوضون المنافسات بشغف وإصرار، حينها تدرك أن الهدف أسمى من مجرد تتويج أو فوز بجائزة مهما كانت قيمتها، فهو إثبات للذات وتعزيز للثقة وبناء لمستقبل مهاري ينعكس أثره على المجتمعات الخليجية.
فالمسابقة ليست مجرد حدث يتنافس فيه المشاركون لنيل التتويج، بل هي نموذج للإدارة الفاعلة الهادفة إلى الارتقاء بجيل كامل من الطلبة والمبتكرين في دول الخليج، بما يسهم في تطوير قطاعٍ حيوي ينبغي أن يكون أبناء الخليج هم المحرك الرئيس فيه.
ويشارك في المسابقة هذا العام 46 متسابقاً يمثلون 40 فريقاً من ست دول خليجية، تحت إشراف 39 خبيراً في مجالات تقنية ومهنية متعددة.
ويتنافس المشاركون في تسع مهارات متقدمة تشمل: اللحام، والروبوتات، وتصميم الويب، والتصميم الجرافيكي، وإلكترونيات الناشئين، والروبوتات المتنقلة المستقلة، وغيرها من التخصصات المستقبلية الواعدة.
وتعد المسابقة واحدة من أبرز الفعاليات الإقليمية التي تهدف إلى تعزيز التعليم المهني والتقني، وتمكين الشباب الخليجي بالمهارات المستقبلية التي يتطلبها سوق العمل الحديث.
كما تستمر المنافسات في مقر النادي العلمي القطري حتى 29 أكتوبر، على أن يقام حفل تتويج الفائزين في 30 أكتوبر بمقر وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي بالدوحة، ضمن جهود قطر المتواصلة لتعزيز التعليم التقني والمهني، وتمكين الشباب، تحقيقاً لأهداف "رؤية قطر الوطنية 2030".
ترسيخ ثقافة الابتكار والإبداع
طارق أحمد الكشادي، الممثل الفني لفريق قطر وعضو اللجنة الفنية في مسابقة المهارات الخليجية، يؤكد أن للمسابقة أهمية خاصة كونها تسهم في ترسيخ ثقافة الابتكار والإبداع لدى الطلبة والمتسابقين، بما يعزز منظومة البحث العلمي والتميز المهني في دول الخليج.
ويوضح الكشادي في حديثه لـ "الخليج أونلاين" أن "مسابقة المهارات الخليجية تعد جزءاً من منظومة المهارات العالمية (WorldSkills) التي تقام على غرار المنافسات القارية مثل المهارات الآسيوية والأوروبية والأمريكية، وقد جرى اعتمادها رسمياً عام 2007 لتبدأ أولى فعالياتها في العام التالي".
ويشير إلى أن المسابقة تستهدف فئة الشباب من عمر 15 إلى 23 عاماً من الجنسين، وتهدف إلى تعزيز ثقافة الإتقان والتميز المهني بين أبناء دول مجلس التعاون الخليجي.
كما يلفت إلى أن مسابقة المهارات الخليجية تقام كل عامين في إحدى دول الخليج، وتعد النسخة الحالية في الدوحة هي الخامسة، وتمتاز بأجواءٍ من الحماس والطموح نحو المستقبل.
منصة فريدة لتطوير التدريب المهني
فيصل العمر، ممثل المملكة العربية السعودية والخبير في مهارة التمديدات الكهربائية ضمن فعاليات مسابقة المهارات الخليجية، يؤكد أن المسابقة تعد منصة فريدة لتطوير التدريب المهني وتعزيز مهارات الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي.
ويوضح العمر في حديثه لـ "الخليج أونلاين" أهمية المسابقة في كونها تتيح الفرصة للمتسابقين للاحتكاك بخبرات متنوعة، سواء في المنافسات المحلية أو الإقليمية أو الدولية، مما يساعدهم على اكتساب أساليب جديدة في تنفيذ المشاريع والتعرف على أحدث التقنيات والأجهزة في مجالاتهم التخصصية.
ويضيف: "المتسابق عندما يشارك في مسابقات دولية، يتعامل مع محترفين من مختلف الدول، ويتعرف على طرق مبتكرة في العمل، وعند عودته إلى بلده ينقل تلك المعرفة ويسهم في تطوير التدريب المحلي بشكل غير مباشر".
كما يلفت العمر إلى أن للمسابقة أثراً كبيراً على الجيل الناشئ، إذ تنظم على قسمين؛ أحدهما للكبار والآخر للصغار، مشيراً إلى أن إشراك الطلبة الصغار في مثل هذه المنافسات يسهم في غرس حب العمل المهني لديهم منذ الصغر، ويجعلهم أكثر وعياً بقيمة المهارات التقنية في حياتهم المستقبلية.
وينوّه إلى أن الاهتمام بالمجالات المهنية في دول الخليج ما زال محدوداً نسبياً، مؤكداً أهمية العمل على تغيير النظرة التقليدية تجاه المهن التقنية والحرفية التي يظن البعض أنها أقل مردوداً.
ويتابع بالقول: "عندما يخوض الشباب هذه التجربة بأنفسهم، يكتشفون أن العمل المهني يمكن أن يكون مجزياً ومصدر رزق ممتازاً، بل وقد يتفوق على بعض الأعمال المكتبية من حيث العائد والاستقرار"
ويختم العمر حديثه بالتأكيد على أن مسابقة المهارات الخليجية تسهم في تحفيز الأجيال الجديدة على دخول المجالات المهنية والتقنية بثقة وشغف، وتعد خطوة مهمة نحو بناء قاعدة شبابية ماهرة تسهم في تنمية الاقتصاد الخليجي وتوطين الكفاءات المتخصصة.
مبادرة رائدة لتنمية المهارات
خالد محمد العبيد، أحد المشاركين من دولة الكويت يعتبر مسابقة المهارات الخليجية فكرة متميزة، مؤكداً أنها تمثل مبادرة رائدة لتنمية المهارات وصقل الكفاءات الخليجية الشابة في المجالات التقنية والمهنية.
وقال العبيد في حديثه لـ "الخليج أونلاين": إن "المسابقة لا تقتصر على جانب التنافس فحسب، بل تعد منصة تعليمية وتطويرية تسهم في تعزيز الخبرة وبناء الثقة بالنفس لدى المشاركين من مختلف دول مجلس التعاون الخليجي".
وتابع: "مثل هذه المبادرات تساعد على تبادل الخبرات بين الشباب الخليجي وتهيئهم لخوض غمار سوق العمل بخبرة ومهارة عالية".
كما يبين أن فكرة المسابقة تحقق الدمج بين التعلم التطبيقي وروح المنافسة الشريفة، مشيراً إلى أنها تسهم في ترسيخ ثقافة الإبداع والتميز لدى المتسابقين.
ويشير العبيد إلى أن المسابقة تعد فرصة ثمينة للشباب الذين يمتلكون مهارات وشغفاً حقيقياً في مجالاتهم، مؤكداً أن الدعم الكبير الذي تحظى به الفعالية من الجهات الرسمية والتنظيمية في دول الخليج يعكس الاهتمام المتزايد بتطوير القدرات البشرية وتأهيل الكوادر الوطنية للمستقبل.
وختم تصريحه بالتعبير عن شكره وتقديره للمنظمين على جهودهم في إعداد هذا الحدث الخليجي المميز، متمنياً التوفيق لجميع المشاركين في المسابقة، ومؤكداً أن هذه التجربة ستترك أثراً إيجابياً دائماً في مسيرة الشباب الخليجي المهني والعلمي.