اقتصاد » فساد

الإمارات تدق ناقوس الخطر.. كيف نواجه التزييف العميق؟

في 2025/11/15

كامل جميل - الخليج أونلاين 

يأتي تحذير مجلس الأمن السيبراني الإماراتي حول مخاطر ما يُعرف بـ "التزييف العميق" (Deepfake)، الذي أخذ ينتشر بشكل واسع، لما يخلفه من أثر سلبي كبير داخل المجتمعات، وهو ما يطرح سؤالاً شديد الأهمية مفاده كيف نواجه هذا التحدي الخطير؟

يوم الجمعة (7 نوفمبر 2025) أطلق المجلس التابع للحكومة الإماراتية تحذيراً من انتشار فيديوهات وصوتيات مزيّفة يجري إنشاؤها بتقنيات "التزييف العميق"، بهدف تضليل الجمهور.

مجلس الأمن السيبراني أكد في بيان نشرته وكالة الأنباء الإماراتية "وام" خطورة هذه المقاطع التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في تضليل الجمهور وبث رسائل غير حقيقية.

المجلس الذي أكد أن تقنيات التزييف العميق تشهد انتشاراً متسارعاً مع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي، وأوضح أنه يمكن تحليل مقاطع أصلية لأشخاص حقيقيين ثم توليد فيديوهات وصوتيات مقلدة بدقة عالية يصعب على المتلقي العادي التمييز بينها وبين الأصلية. 

وشدد على ضرورة رفع الوعي المجتمعي بمخاطر التزييف العميق باعتبار ذلك "خط الدفاع الأول في مواجهة التضليل الرقمي وحماية سمعة الرموز الوطنية والمؤسسات الرسمية في دولة الإمارات".

ودعا المجلس أفراد المجتمع إلى:

التعامل بوعي ومسؤولية مع المحتوى الرقمي.

تجنب إعادة نشر أو تداول المقاطع المشكوك في صحتها.

الاعتماد على المصادر الرسمية والموثوقة للتحقق من أي مادة تُنشر باسم شخصيات عامة أو جهات وطنية.

التزييف العميق

في السنوات الأخيرة أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا الرقمية، ومعها ظهر ما يُعرف بـ "التزييف العميق" (Deepfake).

والتزييف العميق هو:

تقنية تسمح بإنشاء فيديوهات وصوتيات وصور مزيفة تحاكي الواقع بدقة عالية.

يمكن لهذه المقاطع المزيفة أن تجعل الأشخاص يقولون أو يفعلون أشياء لم يفعلوها في الحقيقة.

وبذلك يتوضح أن "التزييف العميق" أداة خطيرة للتضليل وتشويه سمعة الأفراد والمؤسسات على حد سواء.

خطورة التزييف العميق تكمن في: 

القدرة على تقليد الواقع.

سرعة الانتشار على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن لمقطع واحد أن يصل إلى ملايين المستخدمين خلال دقائق.

يسبب ارتباكاً كبيراً وفقدان الثقة بالمعلومات.  

بحسب تقرير شركة Ironscales عن تهديدات عام 2025، سجَّلت هجمات التزييف العميق ارتفاعاً نسبته 10% سنوياً، فيما أكدت 85% من المؤسسات المشاركة أنها تعرَّضت لحادث واحد على الأقل متعلق بهذا النوع من الهجمات خلال العام.

أظهرت النتائج أن التهديد لم يعد تجريبياً أو معزولاً، بل أصبح سمة متنامية في مشهد الأمن الرقمي المؤسسي، ما يفرض على الشركات إعادة تقييم آليات الحماية والتواصل.

أبرز المخاطر التي تواجهها الشركات بسبب التزييف العميق:

نشر معلومات مضللة عبر فيديوهات أو صور لتشويه سمعة موظفين أو مدراء أو العلامة التجارية.

تراجع ثقة العملاء أو هبوط أسهم الشركات بسبب مقاطع تدعي فساداً أو صفقات مزيفة.

انتحال شخصيات قيادية لإقناع الموظفين بالكشف عن بيانات حساسة أو إجراء تحويلات مالية.

استنساخ الأصوات لإرسال مكالمات أو رسائل تحرض على كشف معلومات أو تحويل أموال.

تهديد للخصوصية

ونظراً لمخاطر التزييف العميق الخطيرة، دعت منظمة "بابليك سيتيزن" غير الربحية شركة "أوبن إيه آي" إلى سحب تطبيقها الجديد "Sora 2"، محذرة من المخاطر الكبيرة التي يشكّلها على الثقة والمجتمع.

وتبرز الرسالة الموجهة إلى الشركة والرئيس التنفيذي سام ألتمان أن الإطلاق المتسرع للتطبيق يعكس "استهتاراً" بسلامة المنتج وبحقوق الناس في صورتهم وباستقرار الديمقراطية.

ويشير المتحدث باسم المنظمة JB برانش، إلى أن التهديد يمتد ليشمل خصوصية المستخدمين، خاصة الفئات الهشة على الإنترنت، وقد يسهم في انتشار محتوى مسيء أو متعلّق بالتحرش.

وجاءت التحذيرات في وقت يشهد فيه التطبيق توسعاً سريعاً على هواتف "آيفون" و"أندرويد" في عدة دول، ما دفع شركات ومنظمات حقوقية وفنية، بما فيها هوليوود وصناعة المانغا اليابانية، لمطالبة "أوبن إيه آي" بتعزيز الضوابط قبل السماح باستخدام واسع النطاق.

مخاطر أمنية كبيرة

علاوة على كل ما سبق ذكره، لا يمكن تجاهل خطر كبير للتزييف العميق يتعلق بأمن الدول، وهو ما يشير إليه د. مصطفى الحديثي المتخصص في التحليل الاستراتيجي والأمني.

الحديثي يؤكد أنّ تقنيات التزييف العميق باتت تمثل أحد أخطر التهديدات التي تواجه الدول في العصر الرقمي، نظراً لقدرتها على إنتاج محتوى صوتي ومرئي يصعب التفريق بينه وبين الحقيقة.

ويلفت إلى أن إنتاج المحتوى هذا يتيح المجال أمام حملات تضليل واسعة تستهدف الرأي العام وتمسّ الاستقرار السياسي والأمني.

وأوضح الحديثي أن خطورة التزييف العميق تتضاعف في سياق الحروب الإعلامية والسيبرانية، مبيناً أن بالإمكان استخدامه لنشر خطابات مصطنعة لقادة سياسيين أو عسكريين، أو فبركة مشاهد لأحداث ميدانية.

تلك المقاطع والمشاهد المصطنعة، وفق ما يقول المتخصص الاستراتيجي والأمني، "يربك أجهزة الأمن وصنّاع القرار، ويقوّض الثقة بالمؤسسات الرسمية ووسائل الإعلام الوطنية".

ويشير إلى أن الأمن الرقمي أصبح اليوم "خط الدفاع الأول" عن استقرار الدول وهيبتها، لافتاً إلى أن بعض الدول قد تلجأ إلى تصدير الفوضى لخصومها عبر استغلال هذه التقنيات في حملات ممنهجة تستهدف البنية المعرفية للمجتمعات.

وفي ما يتعلق بسبل المواجهة، شدد الحديثي على ضرورة تبني استراتيجية وطنية متكاملة للتصدي للتزييف العميق، تتضمن تطوير أدوات رصد وكشف المحتوى المزيف باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الوعي الإعلامي لدى الجمهور، بالإضافة إلى تحديث الأطر التشريعية لتجريم إنتاج أو تداول المواد المزيفة.